للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن يجعل المعروف من دون عرضه ... يفره ومن لا يتّق الشّتم يشتم [١]

يعنى زهيرا [٢] ، قال: ثم من؟ قال: الذى يقول:

من يسأل الناس يحرموه ... وسائل الله لا يخيب [٣]

يعنى عبيدا، قال: ثمّ من؟ قال: أنا، قال عتيبة لغلامه: اذهب به إلى السّوق فلا يشيرنّ إلى شىء ولا يسومنّ به إلّا اشتريته له، فانطلق به الغلام، فعرض عليه اليمنة والخزّ وبياض مصر والمروىّ، فلم يرد ذلك، وأشار إلى الأكسية والكرابيس الغلاظ والعباء، فاشترى له منها بمائتى درهم، واشترى له قطفا، وأوقر له راحلة من تمر وراحلة من برّ، ثم قال له: حسبك، فقال له الغلام: إنّه قد أمرنى أن أبسط يدى لك بالنفقة ولا أجعل لك علّة، فقال:

لا حاجة لقومى فى أن تكون لهذا عليهم يد أعظم من هذه، فانصرف الغلام إلى عتيبة فأخبره بذلك، وقال الحطيئة:

سئلت فلم تبخل ولم تعط طائلا ... فسيّان لا ذمّ عليك ولا حمد

وأنت امرؤ لا الجود منك سجيّة ... فتعطى، وقد يعدى على النّائل الوجد [٤]

٥٦٢* وأتى الحطيئة مجلس سعيد بن العاصى، وهو على المدينة يعشّى الناس، فلمّا فرغ (الناس من طعامهم) وخفّ من عنده، نظر فإذا رجل قاعد على البساط قبيح الوجه كبير السنّ سيّئ الهيئة، وجاء الشّرط ليقيموه، فقال سعيد: دعوه، وخاضوا فى أحاديث العرب وأشعارهم، وهم لا يعرفونه، فقال لهم الحطيئة: ما أصبتم جيّد الشعر، قال له سعيد: وعندك من ذلك علم؟ قال:


[١] يفره: يجعله وافرا.
[٢] فى الأغانى: «فقال له عتبة: إن هذا من مقدمات أفاعيك» .
[٣] مضى البيت فى أبيات ٢٦١.
[٤] انظر الديوان ٩٠- ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>