للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فاستعدى عليه الزبرقان عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وأنشده آخر الأبيات [١] ، فقال له عمر: ما أعلمه هجاك، أما ترضى أن تكون طاعما كاسيا؟! (قال:

إنّه لا يكون فى الهجاء أشدّ من هذا) ، ثم أرسل إلى حسّان بن ثابت، فسأله عن ذلك، فقال: لم يهجه ولكن سلح عليه! فحبسه عمر، وقال: يا خبيث لأشغلنّك عن أعراض المسلمين، فقال وهو محبوس [٢] :

ماذا أردت لأفراخ بذى مرخ ... حمر الحواصل لا ماء ولا شجر [٣]

ألقيت كاسبهم فى قعر مظلمة ... فاغفر عليك سلام الله يا عمر

فرقّ له عمر وخلّى سبيله، وأخذ عليه ألّا يهجو أحدا من المسلمين.

٥٦٥* وممّا سبق إليه فأخذ منه قوله:

عوازب لم تسمع نبوح مقامة ... ولم تحتلب إلّا نهارا ضجورها [٤]

أخذه ابن مقبل فقال:

عوازب لم تسمع نبوح مقامة ... ولم تر نارا تمّ حول مجرّم [٥]


[١] قال أبو عمرو بن العلاء: «لم تقل العرب بيتا قط أصدق من قول الحطيئة:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... لا يذهب العرف بين الله والناس
وهو من هذه القصيدة» .
[٢] البيتان فى الأغانى فى أبيات. وهما أيضا فى الإصابة ٢: ٦٣ وهما فى الديوان ٨٠- ٨١ ومعهما آخران.
[٣] ذو مرخ: موضع. والبيت فى البلدان ٨: ٢٠.
[٤] عوازب: يصف إبلا عازبة مخصبة. النبوح: النباح. الضجور: الناقة التى ترغو عند الحلب. يريد أن هذه الإبل بعيدة فى مرعاها لا تقرب الحضر فتسمع أصوات أهله، وأنها غزار لا تعتم، فإنما تحلب نهارا.
[٥] سيأتى ٢٧٦ ل منسوبا لطفيل الغنوى وأن الحطيئة أخذه منه والحول المجرم: التام المكمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>