للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بكيت الصّبا جهدا فمن شاء لامنى ... ومن شاء واسى فى البكاء وأسعدا [١]

وإنى وإن عيّرت فى طلب الصّبا ... لأعلم أنى لست فى الحبّ أوحدا

إذا كنت عزهاة عن اللهو والصّبا ... فكن حجرا من يابس الصّخر جلمدا [٢]

٩١١* وكان يزيد بن عبد الملك صاحب حبابة وسلّامة قد ترك لشغله باللهو الظهور للعامّة وشهادة الجمعة، فقال له مسلمة أخوه: يا أمير المؤمنين قد تركت الأمور وأضعت المسلمين وقعدت فى منزلك مع هاتين الأمتين، فارعوى قليلا وظهر للناس، فقالت حبابة للأحوص: قل شعرا أغنى به أمير المؤمنين، فقال:

وما العيش إلا ما تلذّ وتشتهى

الأبيات.

ثم غنّتا يزيد به، فضرب بخيزرانته الأرض، وقال: صدقت صدقت، على مسلمة لعنة الله وعلى ما جاء به، وعاد لحالته الأولى، إلى أن ماتت حبابة، ثم مات بعدها بأيام حزنا عليها ووجدا [٣] .

٩١٢* ومن هذا الشعر:

وأشرفت فى نشز من الأرض يافع ... وقد تشعف الأيفاع من كان مقصدا [٤]

فقلت: ألا يا ليت أسماء أصقبت ... وهل قول «ليت» جامع ما تبدّدا [٥]


[١] أسعده: شاركه فى البكاء وعاونه، وأصل الإسعاد للنساء فى المناحات، تقوم المرأة فتقوم معها أخرى من جاراتها فتساعدها على النياحة، قال الخطابى: «أما الإسعاد فخاص فى هذا المعنى، وأما المساعدة فعامة فى كل المعاونة» وقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن هذا الإسعاد، وهو عمل جاهلى.
[٢] العزهاة: العازف عن اللهو والنساء، لا يطرب للهو ويبعد عنه. والبيت فى اللسان ١٧: ٤١٠ غير منسوب.
[٣] القصة مفصلة فى الأغانى ١٣: ١٥٠- ١٥٣ بأطول مما هنا، وفيه أبيات كثيرة من هذه القصيدة.
[٤] النشز: المتن المرتفع من الأرض. اليافع: المرتفع المشرف أيضا، كاليفع، وجمع اليفع «أيفاع» . تشعفه: تذهب بفؤاده. المقصد، بضم الميم وفتح الصاد: الذى أصابه السهم أو الرمح فمات مكانه.
[٥] أصقبت: دنت وقربت.

<<  <  ج: ص:  >  >>