للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم، وجلّة التابعين، وقوما كثيرا من حملة العلم، ومن الخلفاء والأشراف، ونجعلهم فى طبقات الشعراء.

١٢* ولم أسلك، فيما ذكرته من شعر كلّ شاعر مختارا له، سبيل من قلّد، أو استحسن باستحسان غيره. ولا نظرت إلى المتقدّم منهم بعين الجلالة لتقدمه، وإلى المتأخّر (منهم) بعين الاحتقار لتأخّره. بل نظرت بعين العدل على الفريقين، وأعطيت كلا حظّه، ووفّرت عليه حقّه.

١٣* فإنى رأيت من علمائنا من يستجيد الشعر السخيف لتقدّم قائله، ويضعه فى متخيّره، ويرذل الشعر الرصين، ولا عيب له عنده إلّا أنّه قيل فى زمانه، أو أنّه رأى قائله.

١٤* ولم يقصر الله العلم والشعر [١] والبلاغة على زمن دون زمن، ولا خصّ به قوما دون قوم، بل جعل ذلك مشتركا مقسوما بين عباده فى كلّ دهر، وجعل كلّ قديم حديثا فى عصره، وكلّ شرف خارجيّة [٢] فى أوّله، فقد كان جرير والفرزدق والأخطل وأمثالهم يعدّون محدثين. وكان أبو عمرو بن العلاء يقول: لقد كثر هذا المحدث وحسن حتّى لقد هممت بروايته.

١٥* ثمّ صار هؤلاء قدماء عندنا ببعد العهد منهم، وكذلك يكون من بعدهم لمن بعدنا، كالخريمىّ والعتّابىّ والحسن بن هانىء وأشباههم. فكلّ من أتى بحسن من قول أو فعل ذكرناه (له) ، وأثنينا به عليه، ولم يضعه عندنا تأخّر قائله أو فاعله، ولا حداثة سنّه. كما أنّ الرّدىء إذا ورد علينا للمتقدّم [٣] أو الشريف لم يرفعه عندنا شرف صاحبه ولا تقدّمه.

١٦* وكان حقّ هذا الكتاب أن أودعه الأخبار عن جلالة قدر الشعر وعظيم


[١] ف هـ س «الشعر والعلم» .
[٢] ف س «وكل شريف خارجيا» . والخارجى: الذى يخرج ويشرف بنفسه من غير أن يكون له قديم. ومنه الخارجية، وهى خيل لا عرق لها فى الجودة، فتخرج سوابق، وهى مع ذلك جياد.
[٣] ف س «للمقدم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>