واعلم أن صناعة تأليف الألفاظ تنقسم إلى ثمانية أنواع؛ هي السجع:
ويختص بالكلام المنثور، والتصريع، ويختص بالكلام المنظوم، وهو داخل في باب السجع؛ لأنه في الكلام المنظوم كالسجع في الكلام المنثور، والتجنيس، وهو يعم القسمين جميعا، والترصيع، وهو يعم القسمين أيضا جميعا، ولزوم ما لا يلزم، وهو يعم القسمين أيضا، والموازنة، وتختص بالكلام المنثور، واختلاف صيغ الألفاظ، وهو يعم القسمين جميعا، وتكرير الحروف، وهو يعم القسمين جميعا.
[النوع الأول: السجع؛]
وحدّه أن يقال: تواطؤ الفواصل في الكلام المنثور على حرف واحد.
وقد ذمه بعض أصحابنا من أرباب هذه الصناعة، ولا أرى ذلك وجها سوى عجزهم أن يأتوا به، وإلا فلو كان مذموما لما ورد في القرآن الكريم؛ فإنه قد أتى منه بالكثير، حتى إنه ليؤتي بالسورة جميعها مسجوعة، كسورة الرحمن، وسورة القمر، وغيرهما، وبالجملة فلم تخل منه سورة من السور؛ فمن ذلك قوله تعالى:
إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا، خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا
وكقوله تعالى في سورة طه: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى، إلا تذكرة لمن يخشى، تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى، الرحمن على العرش استوى، له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى، وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى، الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى
وكذلك قوله تعالى في سورة ق: بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج، أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج، والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج
وكقوله تعالى: والعاديات ضبحا، فالموريات قدحا، فالمغيرات صبحا، فأثرن به نقعا، فوسطن به جمعا
وأمثال ذلك كثيرة.
وقد ورد على هذا الأسلوب من كلام النبي صلّى الله عليه وسلّم شيء كثير أيضا:
فمن ذلك ما رواه ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: