فإنه لما كره عتابها اعترض بين الأمر والمعطوف عليه بهذه اللفظة على طريق الذم.
الضرب الثاني-
وهو الذي يؤثر في الكلام نقصا، وفي المعنى فسادا- وقد تقدم ذكر أمثاله وأنظاره في باب التقديم والتأخير، وإنما جيء بذكره ههنا مكرّرا لإتمام التقسيم الاعتراضي فيما أفاد وفيما لا يفيد، وقد ذكرت من ذلك مثالا واحدا أو مثالين؛ فمما ورد منه قول بعضهم «١» :
فقد والشّكّ بيّن لي عناء ... بوشك فراقهم صرد يصيح
فإن هذا البيت من رديء الاعتراض ما أذكره لك، وهو الفصل بين قد والفعل الذي هو بيّن، وذلك قبيح؛ لقوة اتصال قد بما تدخل عليه من الأفعال ألا تراها تعدّ مع الفعل كالجزء منه، ولذلك أدخلت عليها اللام المراد بها توكيد الفعل، كقوله تعالى: لقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك
وقوله تعالى: ولقد علموا لمن اشتراه
وقول الشاعر «٢» :
ولقد أجمع رجليّ بها ... حذر الموت وإنّي لفرور «٣»
إلا إن فصل بين قد والفعل بالقسم فإن ذلك لا بأس به، نحو قوله: قد والله كان ذاك، وقد فصل في هذا البيت أيضا بين المبتدأ الذي هو الشّكّ وبين الخبر الذي هو عناء بقوله بيّن لي، وفصل بين الفعل الذي هو بيّن وبين فاعله الذي هو صرد بخبر المبتدأ الذي هو عناء؛ فجاء معنى البيت كما تراه، كأنه صورة مشوّهة قد نقلت أعضاؤها بعضها إلى مكان بعض.