على وجه التوكيد والتخصيص المبالغة المسجّلة عليهم باستحقاق أشد العذاب وأبلغه.
وهذا باب من تكرير اللفظ والمعنى حسن غامض، وبه تعريف موقع التكرير، والفرق بينه وبين غيره؛ فافهمه إن شاء الله تعالى.
[الفرع الثاني من الضرب الأول:]
إذا كان التكرير في اللفظ والمعنى يدلّ على معنى واحد، والمراد به غرض واحد؛ كقوله تعالى: فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر
والتكرير دلالة [على] التعجب من تقديره وإصابته الغرض، وهذا كما يقال:
قتله الله ما أشجعه! أو ما أشعره! وعليه ورد قوله الشاعر:
ألا يا اسلمي ثمّ اسلمي ثمّت اسلمي «١»
وهذا مبالغة في الدعاء لها بالسلامة، وكل هذا يجاء به لتقرير المعنى المراد وإثباته.
وعليه ورد الحديث النبوي؛ وذاك أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال:«إنّ بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم عليّا فلا آذن ثمّ لا آذن إلّا أن يطلّق عليّ ابنتي وينكح ابنتهم» فقوله: «لا آذن ثم لا آذن ثم لا آذن» من التكرير الذي هو أشد موقعا من الإيجاز؛ لانصباب العناية إلى تأكيد القول في منع عليّ رضي الله عنه من التزوج بابنة أبي جهل بن هشام.
وهذا مثل قوله تعالى: أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى
ومن أجل ذلك نقول: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له؛ لأن قولنا:«لا إله إلّا الله» مثل قولنا:
«وحده لا شريك له» وهما في المعنى سواء، وإنما كررنا القول فيه لتقرير المعنى وإثباته، وذاك لأن من الناس من يخالف فيه كالنصارى والثّنوية، والتكرير في مثل هذا المقام أبلغ من الإيجاز، وأحسن، وأسدّ موقعا.
ومما جاء في مثل هذا قوله تعالى: الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا