تكريرا؛ لأنه لا يلزم من كون ضيوفه تضيف أن يكون راجيه مرجوا، ولا أن يكون سائله مسئولا؛ لأن ضيفه يستصحب ضيفا طمعا في كلام مضيفه، وسائله يسأل:
أي [أنه] يعطي السائل عطاء كثيرا يصير به معطيا، وراجيه يرجى: أي أنه إذا تعلق به رجاء راج فقد أيقن بالفلاح والنجاح فهو حقيق بأن يرجى؛ لمكان رجائه إياه، وهذا أبلغ الأوصاف الثلاثة.
[الضرب الثاني:]
يسمى النفي والإثبات، وهو أن يذكر الشيء على سبيل النفي، ثم يذكر على سبيل الإثبات، أو بالعكس، ولا بد أن يكون في أحدهما زيادة ليست في الآخر، وإلا كان تكريرا، والغرض به تأكيد ذلك المعنى المقصود.
فمما جاء منه قوله تعالى: لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين. إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون.
واعلم أن لهذا الضرب من الإطناب فائدة كبيرة، وهو من أوكد وجوهه، ألا ترى أنه قال: لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم
ثم قال: إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر
والمعنى في ذلك سواء، إلا أنه في الثانية قوله: وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون
ولولا هذه الزيادة لكان حكم هاتين الآيتين حكم التكرير، وهذا الموضع ينبغي أن يتأمل وينعم النظر فيه.
وعليه ورد قوله تعالى: ألم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون. في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون.
بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم. وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون. يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون
فقوله: يعلمون
بعد قوله: لا يعلمون
من الباب الذي نحن بصدد ذكره، الا ترى أنه نفى العلم عن الناس بما خفي عنهم من تحقيق وعده، ثم أثبت لهم العلم