للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الجزء الثاني]

[النوع الرابع في الالتفات]

وهذا النوع ما يليه خلاصة علم البيان التي حولها يدندن، وإليها تستند البلاغة، وعنها يعنعن، وحقيقته مأخوذة من التفات الإنسان عن يمينه وشماله، فهو يقبل بوجهه تارة كذا وتارة كذا، وكذلك يكون هذا النوع من الكلام خاصة؛ لأنه ينتقل فيه عن صيغة إلى صيغة، كالانتقال من خطاب حاضر إلى غائب، أو من خطاب غائب إلى حاضر. أو من فعل ماض إلى مستقبل، أو من مستقبل إلى ماض، أو غير ذلك مما يأتي ذكره مفصلا، ويسمى أيضا «شجاعة العربية» وإنما سمي بذلك لأن الشجاعة هي الإقدام، وذاك أن الرجل الشجاع يركب ما لا يستطيعه غيره، ويتورّد ما لا يتورّده سواه، وكذلك هذا الالتفات في الكلام؛ فإن اللغة العربية تختص به دون غيرها من اللغات.

وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

[القسم الأول:]

في الرجوع من الغيبة إلى الخطاب، ومن الخطاب إلى الغيبة.

اعلم أن عامة المنتمين إلى هذا الفن إذا سئلوا عن الانتقال عن الغيبة إلى الخطاب وعن الخطاب إلى الغيبة، قالوا: كذلك كانت عادة العرب في أساليب كلامها، وهذا القول هو عكّاز العميان، كما يقال، ونحن إنما نسأل عن السبب الذي قصدت العرب ذلك من أجله.

وقال الزمخشري رحمه الله: إن الرجوع من الغيبة إلى الخطاب إنما يستعمل للتفنن في الكلام، والانتقال من أسلوب إلى أسلوب، تطرية لنشاط السامع، وإيقاظا للإصغاء إليه.

وليس الأمر كما ذكره، لأن الانتقال في الكلام من أسلوب إلى أسلوب إذا لم

<<  <  ج: ص:  >  >>