الحديث عنه، كقولك: أحسنت إلى زيد زيد حقيق بالإحسان، وتارة يجيء بإعادة صفته، كقولك: أحسنت إلى زيد صديقك القديم أهل لذلك منك؛ وهو أحسن من الأول وأبلغ؛ لانطوائه على بيان الموجب للإحسان وتخصيصه.
فممّا ورد من ذلك قوله تعالى: الم. ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين.
الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون. أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون
والاستئناف واقع في هذا الكلام على أولئك
لأنه لما قال ألم ذلك الكتاب
إلى قوله بالآخرة هم يوقنون
اتجه لسائل أن يقول: ما بال المستقلين بهذه الصفات قد اختصوا بالهدى؟ فأجيب بأنّ أولئك الموصوفين غير مستبعد أن يفوزوا دون الناس بالهدى عاجلا وبالفلاح آجلا.
[الوجه الثاني:]
الاستئناف بغير إعادة الأسماء والصفات، وذلك كقوله تعالى:
وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون. أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون. إني إذا لفي ضلال مبين. إني آمنت بربكم فاسمعون. قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون. بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين
فمخرج هذا القول مخرج الاستئناف؛ لأن ذلك من مظان المسألة عن حاله عند لقاء ربه، وكأن قائلا قال: كيف حال هذا الرجل عند لقاء ربه بعد ذلك التصلب في دينه والتسخي لوجهه بروحه؟ فقيل: قيل ادخل الجنة؛ ولم يقل قيل له لانصباب الغرض إلى المقول لا إلى المقول له مع كونه معلوما، وكذلك قوله تعالى يا ليت قومي يعلمون
مرتّب على تقدير سؤال سائل عما وجد.
ومن هذا النحو قوله عز وجل: يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون. من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب
والفرق بين إثبات الفاء في سوف كقوله تعالى: قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون. من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم
وبين حذف الفاء ههنا في هذه الآية أن إثباتها وصل ظاهر بحرف موضوع للوصل،