قد تقدم الكلام في صدر كتابي هذا على تكرار الحروف، وما [أشبه] ذلك مما يختلط بهذا النوع الذي هو تكرار المعاني والألفاظ.
واعلم أن هذا النوع من مقاتل على البيان، وهو دقيق المأخذ.
وحدّه هو: دلالة اللفظ على المعنى مردّدا، وربما اشتبه على أكثر الناس بالإطناب مرة، وبالتطويل أخرى، وقد تقدم الكلام على الفرق بين هذه الأنواع الثلاثة في باب الإطناب، فلا حاجة إلى إعادته ههنا، وأما التكرير فقد عرفتكه.
وهو ينقسم قسمين: أحدهما يوجد في اللفظ والمعنى، والآخر يوجد في المعنى دون اللفظ.
فأما الذي يوجد في اللفظ والمعنى فكقولك لمن تستدعيه أسرع أسرع، ومنه قول أبي الطيب المتنبي «١» .
ولم أر مثل جيراني ومثلي ... لمثلي عند مثلهم مقام
وأما الذي يوجد في المعنى دون اللفظ فكقولك: أطعني ولا تعصني، فإن الأمر بالطاعة نهي عن المعصية.
وكل من هذين القسمين ينقسم إلى مفيد وغير مفيد، ولا أعني بالمفيد ههنا ما يعنيه النحاة، فإنه عندهم عبارة عن اللفظ المركب؛ إما من الاسم مع الاسم، بشرط أن يكون للأول بالثاني علاقة معنى يسع مكلفا جهله، وإما من الاسم مع