وهذا النوع يسمى البديع أيضا، وهو في المعاني ضد التجنيس في الألفاظ؛ لأن التجنيس هو أن يتّحد اللفظ مع اختلاف المعنى، وهذا هو أن يكون المعنيان ضدين.
وقد أجمع أرباب هذه الصناعة على أن المطابقة في الكلام هي الجمع بين الشيء وضده؛ كالسواد والبياض، والليل والنهار.
وخالفهم في ذلك قدامة بن جعفر الكاتب فقال: المطابقة إيراد لفظين متساويين في البناء والصيغة مختلفين في المعنى.
وهذا الذي ذكره هو التجنيس بعينه، غير أن الأسماء لا مشاحّة فيها، إلا إذا كانت مشتقة.
ولننظر نحن في ذلك، وهو أن نكشف عن أصل المطابقة في وضع اللغة، وقد وجدنا الطّباق في اللغة من طابق البعير في سيره؛ إذا وضع رجله موضع يده، وهذا يؤيد ما ذكره قدامة؛ لأن اليد غير الرجل، لا ضدها، والموضع الذي يقعان فيه واحد، وكذلك المعنيان يكونان مختلفين واللفظ الذي يجمعهما واحد؛ فقدامة سمى هذا النوع من الكلام مطابقا، حيث كان الاسم مشتقا مما سمي به، وذلك مناسب وواقع في موقعه، إلا أنه جعل للتجنيس اسما آخر، وهو المطابقة، ولا بأس به، إلا إن كان مثّله بالضدين؛ كالسواد والبياض؛ فإنه يكون قد خالف الأصل الذي أصّله بالمثال الذي مثّله.