ولسنا ندري أكان ذلك راجعا إلى المحيط الذي كان يعيش فيه ضياء الدين، وهو محيط مضطرب دائم الاصطخاب كثير المنازعات والمشاكل، أم كان يرجع إلى خلق فيه؛ فإنا نلمح في كتابته آثار الكبرياء والصلف والاعتداد بالنفس، وهذا خلق ينأى بصاحبه كثيرا عن الحكمة والاتزان والنظر إلى الأمور بعين الإنصاف ووزنها بميزان الروية والعقل.
[مؤلفات ابن الأثير:]
ذكر ابن خلكان لابن الأثير عدة مؤلفات، وصدّر كلامه عليها بقوله «١» :
«ولضياء الدين من التصانيف الدالة على غزارة فضله وتحقيق نبله» .
ونحن نذكر لك ما ذكره ابن خلكان وغيره من مصنفاته؛ فنقول:
١- أشهر هذه المؤلفات هو كتاب «المثل السائر، في أدب الكاتب والشاعر» ، وهو كتابنا هذا الذي نقدمه الآن؛ ويقول عنه ابن خلكان «٢» : «وهو في مجلدين جمع فيه فأوعى، ولم يترك شيئا يتعلق بفن الكتاب إلا ذكره» .
٢- ومن مؤلفاته كتاب «الوشي المرقوم، في حل المنظوم» ، ويقول عنه ابن خلكان «٣» : «وهو مع وجازته في غاية الحسن والإفادة» ، وقد طبع هذا الكتاب في عام ١٢٩٨ من الهجرة بمطبعة ثمرات الفنون بمدينة بيروت؛ ويقول المؤلف في أوله:«ولما ألفت كتاب المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر قصرت فصلا منه على ذكر هذه الطريقة «٤» وأتيت فيها بالمعاني الجليلة التي تفتقر إلى الفهم الدقيق، غير أني أحلت في مواضع منه على هذا الكتاب؛ وجعلت لذلك رمز الاختصار ولهذا مكاشفة الإسهاب ... وبنيته على مقدمة وثلاثة فصول: الفصل الأول، في حل الشعر؛ الفصل الثاني، في حل آيات القرآن؛ الفصل الثالث، في حل الأخبار النبوية» اه.