شواجر أرماح تقطّع بينهم ... شواجن أرحام ملوم قطوعها
[القسم الثالث من المشبه بالتجنيس،]
وهو أن تكون الألفاظ مختلفة في الوزن والتركيب بحرف واحد، كقوله تعالى:«والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق»
وقوله تعالى:«وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا»
وكذلك ورد قوله صلّى الله عليه وسلّم:«المسلم من سلم النّاس من لسانه ويده» .
ودخل ثعلب صاحب كتاب الفصيح على أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، ومجلسه غاصّ، فجلس إلى جانبه، ثم أقبل عليه، وقال: أخاف أن أكون ضيّقت عليك، على أنه لا يضيق مجلس بمتحابين ولا تسع الدنيا بأسرها متباغضين؛ فقال له أحمد: الصّديق لا يحاسب والعدوّ لا يحتسب له، وهذا كلام حسن من كلا الرجلين، والتجنيس في كلام أحمد رحمه الله في قوله:«يحاسب ويحتسب له» .
وقد جاءني شيء من ذلك عليه خفّة الطبع؛ لا ثقل التطبع.
فمنه ما ذكرته في فصل من كتاب إلى ديوان الخلافة يتضمن ذكر الجهاد فقلت: وخيل الله قد اشتاقت أن يقال لها اركبي، وسيوفه قد تطلّعت أن يقال لها اضربي، ومواطن الجهاد قد بعد عهدها باستسقاء شآبيب النحور، وإنبات ربيع الذباب والنسور، وما ذاك إلا لأن العدو إذا طلب تقمص ثوب إذلاله، وتنصّل من صحة نصاله، واعتصم بمعاقله التي لا فرق بينها وبين عقاله.