ومن ذلك ما ذكرته في وصف كريم؛ فقلت: وقد جعل الله حرمه ملقى الجفان، وملتقى الأجفان، فهو حمى لمن جنى عليه زمانه، وجار لمن بعد عنه جيرانه.
ومن ذلك ما ذكرته في فصل من كتاب إلى ديوان الخلافة، وهو: ولقد استبان الخادم من بركة طاعته ما يعمى عنه غيره فما يراه، ووجد من أثره في صلاح دنياه ما استدل به على صلاح أخراه، فهو المركب المنجّي، والعمل المرجوّ لا المرجّي، والمعنى المراد بهداية الصراط المستقيم، وتأويل قوله تعالى:«فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم» .
ومن ذلك ما ذكرته في أثناء كتاب إلى بعض الإخوان وذلك وصف بعض المنعمين، فقلت: نحن من حسن شيمه وفواصل إحسانه بين هند وهنيدة، ومن يمن نقيبته وأمانة غيبه بين أمّ معبد وأبي عبيدة.
ومن ذلك ما ذكرته في مطلع كتاب إلى بعض الإخوان، فقلت: الكتب وإن عدّها قوم عرضا من الأعراض، وتقالوها حتى قالوا هي سواد في بياض؛ فإن لها عند الإخوان وجها وسيما، ومحلا كريما، وهي حمائم القلوب إذا فارق حميم حميما، ومن أحسنها كتاب سيدنا ... ثم مضيت على هذا النهج إلى آخر الكتاب.
ومن هذا القسم قول أبي تمام «١» :
أيّام تدمي عينه تلك الدّما ... فيها وتقمر لبّه الأقمار