كنا نحتاج فيه إلى كتب كتاب بلاغي، بل كنا نقتصر على إرسال مصنف من مصنفات الفقه عوضا عن الكتاب، وإنما قصدنا أن يكون الكاتب الذي يكتب في هذا المعنى مشتملا على الترغيب والترهيب، والمسامحة في موضع والمحاقة «١» في موضع، مشحونا ذلك بالنكت الشرعية المبرزة في قوالب البلاغة والفصاحة، كما فعل الكاتب الصابي في الكتاب الذي كتبه عن عز الدولة بختيار بن معز الدولة ابن بويه إلى الإمام الطائع لما خلع المطيع؛ فإنه من محاسن الكتب التي تكتب في هذا الفن.
وأما النوع السادس:-
وهو حفظ القرآن الكريم- فإن صاحب هذه الصناعة ينبغي له أن يكون عارفا بذلك؛ لأن فيه فوائد كثيرة، منها أنه يضمّن كلامه بالآيات في أماكنها اللائقة بها ومواضعها المناسبة لها، ولا شبهة فيما يصير للكلام بذلك من الفخامة والجزالة والرّونق؛ ومنها أنه إذا عرف مواقع البلاغة وأسرار الفصاحة المودعة في تأليف القرآن اتّخذه بحرا يستخرج منه الدرر والجواهر ويودعها مطاوي كلامه، كما فعلته أنا فيما أنشأته من المكاتبات، وكفى بالقرآن الكريم وحده آلة وأداة في استعمال أفانين الكلام؛ فعليك أيها المتوشح لهذه الصناعة بحفظه والفحص عن سره وغامض رموزه وإشاراته؛ فإنه تجارة لن تبور، ومنبع لا يغور، وكنز يرجع إليه، وذخر يعوّل عليه.
[وأما النوع السابع:]
- وهو حفظ الأخبار النبوية مما يحتاج إلى استعماله- فإن الأمر في ذلك يجري مجرى القرآن الكريم، وقد تقدم القول عليه، فاعرفه.
[وأما النوع الثامن:]
- وهو ما يختص بالناظم دون الناثر، وذلك معرفة العروض وما يجوز فيه من الزحاف وما لا يجوز- فإن الشاعر محتاج إليه، ولسنا نوجب عليه المعرفة بذلك لينظم بعلمه؛ فإن النظم مبني على الذوق، ولو نظم بتقطيع الأفاعيل لجاء شعره متكلفا غير مرضي، وإنما أريد للشاعر معرفة العروض لأن الذوق قد ينبو