هذا النوع هو أحد الأركان الخمسة البلاغية المشار إليها في الفصل التاسع من مقدمة الكتاب.
وحقيقة هذا النوع: أن يجعل مطلع الكلام من الشعر أو الرسائل دالّا على المعنى المقصود من ذلك الكلام: إن كان فتحا ففتحا، وإن كان هناء فهناء، أو كان عزاء فعزاء، وكذلك يجري الحكم في غير ذلك من المعاني.
وفائدته أن يعرف من مبدأ الكلام ما المراد به ولم هذا النوع.
والقاعدة التي يبني عليها أساسه أنه يجب على الشاعر إذا نظم قصيدا أن ينظر؛ فإن كانت مديحا صرفا لا يختص بحادثة من الحوادث فهو مخير بين أن يفتتحها بغزل أو لا يفتتحها بغزل، بل يرتجل المديح ارتجالا من أولها، كقول القائل:
إن حارت الألباب كيف تقول ... في ذا المقام فعذرها مقبول
سامح بفضلك مادحيك فما لهم ... أبدا إلى ما تستحقّ سبيل
إن كان لا يرضيك إلّا محسن ... فالمحسنون إذا لديك قليل
فإن هذا الشاعر ارتجل المديح من أول القصيدة فأتى به كما ترى حسنا لائقا.
وأما إذا كان القصيد في حادثة من الحوادث؛ كفتح مقفل أو هزيمة جيش أو غير ذلك؛ فإنه لا ينبغي أن يبدأ فيها بغزل، وإن فعل ذلك دلّ على ضعف قريحة الشاعر وقصوره عن الغاية، أو على جهله بوضع الكلام في مواضعه.
فإن قيل: إنك قلت: يجب على الشاعر كذا وكذا، فلم ذلك؟