وهذا كأنه سلسلة بلا شك، وقليلا ما يوجد في أشعار الشعراء، ولم أجده كثيرا إلا في شعر الفرزدق، وتلك معاظلة معنوية، وسيأتي بيانها في بابها، وهذه معاظلة لفظية، وهي توجد في شعر أبي الطيب كثيرا.
[النوع الثامن في المنافرة بين الألفاظ في السبك]
وهذا النوع لم يحقق أحد من علماء البيان القول فيه، وغاية ما يقال: إنه ينبغي ألّا تكون الألفاظ نافرة عن مواضعها، ثم يكتفي بها القول، من غير بيان ولا تفصيل، حتى إنه قد خلط هذا النوع بالمعاظلة، وكل منهما نوع مفرد برأسه له حقيقة تخصّه، إلا أنهما قد اشتبها على علماء البيان، فكيف على جاهل لا يعلم.
وقد بيّنت هذا النوع وفصّلته عن المعاظلة، وضربت له أمثلة يستدلّ بها على أخواتها وما يجري مجراها.
وجملة الأمر أن مدار سبك الألفاظ على هذا النوع والذي قبله دون غيرهما من تلك الأنواع المذكورة؛ لأن هذين النوعين أصلا سبك الألفاظ، وما عداهما فرع عليهما، وإذا لم يكن الناثر أو الناظم عارفا بهما فإن مقاتله تبدو كثيرا.
وحقيقة هذا النوع الذي هو المنافرة: أن يذكر لفظ أو ألفاظ يكون غيرها مما هو في معناها أولى بالذكر.