ظفرت بالصواب في ذلك، وهو أن رجلا من أهل برقعيد من أعمال الموصل بناها وهو عبد العزيز بن عمر، فأضيفت إليه، ورأيت في بعض التواريخ أنها جزيرة ابني عمر أوس وكامل، ولا أدري أيضا من هما، ثم رأيت في تاريخ ابن المستوفي في ترجمة أبي السعادات المبارك بن محمد (هو أخو نصر الله بن الأثير الذي نترجمه) أنه من جزيرة أوس وكامل ابني عمر بن أوس الثعلبي» .
فالجزريّ في نسب ابن الأثير نسبة إلى جزيرة ابن عمر هذه.
[نشأته وحياته:]
نشأ أبو الفتح نصر الله بن الأثير بجزيرة ابن عمر، ثم انتقل مع والده إلى الموصل، وبها اشتغل بحفظ القرآن الكريم وتحصيل العلوم، فحفظ القرآن، وكثيرا من الأحاديث النبوية، وطرفا صالحا من النحو واللغة وعلم البيان، وشيئا كثيرا من الشعر قديمه وحديثه.
ولما كملت له الأدوات قصد في شهر ربيع الأول من عام سبع وثمانين وخمسمائة جناب السلطان الملك الناصر أبي المظفر صلاح الدين يوسف ابن الأمير نجم الدين أيّوب بن شادي بن مروان؛ فاستعان بالقاضي الفاضل أبي علي عبد الرحيم بن علي بن محمد بن حسن اللخميّ البيسانيّ «١» ، وهو يومئذ آثر الناس عند صلاح الدين؛ فوصله القاضي بخدمة صلاح الدين في جمادى الآخرة من العام نفسه، ولم تطل به الإقامة في خدمة صلاح الدين، حتى أرسل الملك الأفضل نور الدين علي بن صلاح الدين يوسف بن أيوب، إلى أبيه صلاح الدين، يطلب أن يرسل إليه ابن الأثير، فخيّره صلاح الدين بين أن يقيم في خدمته وأن ينتقل إلى خدمة ولده نور الدين؛ فاختار أن ينتقل إلى خدمة نور الدين، فمضى إليه في شوال من العام نفسه، وهو يومئذ شاب لم يكمل العقد الثالث من عمره؛ فاستوزره الملك الأفضل، وحسنت حالته عنده.