للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالسحر، وذاك أنك ترى فيه ترك الذكر أفصح من الذكر، والصّمت عن الإفادة أزيد للإفادة، وتجدك أنطق ما تكون إذا لم تنطق، وأتم ما تكون مبينا إذا لم تبين، وهذه جملة تنكرها حتى تخبر، وتدفعها حتى تنظر.

والأصل في المحذوفات جميعها على اختلاف ضروبها أن يكون في الكلام ما يدلّ على المحذوف؛ فإن لم يكن هناك دليل على المحذوف فإنه لغو من الحديث لا يجوز بوجه، ولا سبب، ومن شرط المحذوف في حكم البلاغة أنه متى أظهر صار الكلام الى شيء غثّ لا يناسب ما كان عليه أولا من الطلاوة والحسن؛ وقد يظهر المحذوف بالإعراب كقولنا: وسهلا، فإن نصب الأهل والسهل يدلّ على ناصب محذوف، وليس لهذا من الحسن ما للذي لا يظهر بالإعراب، وإنما يظهر بالنظر إلى تمام المعنى، كقولنا: فلان يحلّ ويعقد؛ فإن ذلك لا يظهر المحذوف فيه بالإعراب، وإنما يظهر بالنظر إلى تمام المعنى: أي أنه يحلّ الأمور ويعقدها، والذي يظهر بالإعراب يقع في المفردات من المحذوفات كثيرا، والذي لا يظهر بالإعراب يقع في الجمل من المحذوفات كثيرا.

وسأذكر في كتابي هذا ما وصل إليّ علمه، وهو ينقسم قسمين: أحدهما:

حذف الجمل، والآخر: حذف المفردات، وقد يرد كلام في بعض المواضع ويكون مشتملا على القسمين معا.

[فأما القسم الأول، وهو الذي تحذف منه الجمل؛]

فإنه ينقسم ألى قسمين أيضا: أحدهما: حذف الجمل المفيدة التي تستقل بنفسها كلاما، وهذا أحسن المحذوفات جميعها، وأدّلها على الاختصار، ولا تكاد تجده إلا في كتاب الله تعالى؛ والقسم الآخر: حذف الجمل غير المفيدة، وقد وردا ههنا مختلطين، وجملتهما أربعة أضرب:

[الضرب الأول: حذف السؤال المقدر،]

ويسمى الاستئناف، ويأتي على وجهين:

[الوجه الأول: إعادة الأسماء والصفات،]

وهذا يجيء تارة باعادة اسم من تقدم

<<  <  ج: ص:  >  >>