اعلم أن التجنيس غرّة شادخة في وجه الكلام، وقد تصرّف العلماء من أرباب هذه الصناعة فيه فغرّبوا وشرّقوا، لا سيما المحدثين منهم، وصنف الناس فيه كتبا كثيرة، وجعلوه أبوابا متعددة، واختلفوا في ذلك، وأدخلوا بعض تلك الأبواب في بعض؛ فمنهم عبد الله بن المعتز، وأبو علي الحاتمي، والقاضي أبو الحسين الجرجاني، وقدامة بن جعفر الكاتب، وغيرهم.
وإنما سمي هذا النوع من الكلام مجانسا لأن حروف ألفاظه يكون تركيبها من جنس واحد.
وحقيقته أن يكون اللفظ واحدا والمعنى مختلفا، وعلى هذا فإنه هو: اللفظ المشترك، وما عداه فليس من التجنيس الحقيقي في شيء، إلا أنه قد خرج من ذلك ما يسمى تجنيسا، وتلك تسمية بالمشابهة لا لأنها دالة على حقيقة المسمى بعينه.
وعلى هذا فإني نظرت في التجنيس وما شبّه به فأجرى مجراه فوجدته ينقسم إلى سبعة أقسام: واحد منها يدل على حقيقة التجنيس؛ لأن لفظه واحد لا يختلف، وستة أقسام مشبهة.
[فأما القسم الأول]
فهو أن تتساوى حروف ألفاظه في تركيبها ووزنها، كقوله تعالى: ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة
وليس في القرآن الكريم سوى هذه الآية، فاعرفها، ويروى في الأخبار النبوية أن الصحابة نازعوا جرير بن عبد الله البجلي زمامه فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«خلّوا بين جرير والجرير» أي: دعوا زمامه.