فؤادا، ثم من بعده على أسرته الطاهرة التي زكت أوراقا وأعوادا، وورثت النور المتين تلادا، ووصفت بأنها أحد الثقلين هداية وإرشادا، وخصوصا عمه العباس المدعو له بأن يحفظ نفسا وأولادا، وأن تبقى كلمة الخلافة فيهم خالدة لا تخاف دركا ولا تخشى نفادا.
وإذا استوفى القلم مداده من هذه الحمدلة، وأسند القول فيها عن فصاحته المرسلة، فإنه يأخذ في إنشاء هذا التقليد الذي جعله حليفا لقرطاسه، واستدام سجوده على صفحته حتى لم يكد يرفع من رأسه، وليس ذلك إلا لإفاضته في وصف المناقب التي كثرت فحسن لها مقام الإكثار، واشتبه التطويل فيها بالاختصار، وهي التي لا يفتقر واصفها إلى القول المعاد، ولا يستوعر سلوك أطوادها ومن العجب وجود السهل في سلوك الأطواد، وتلك مناقبك أيها الملك الناصر الأجل السيد الكبير العالم العادل المجاهد المرابط صلاح الدين أبو المظفر يوسف بن أيوب، والديوان العزيز يتلوها عليك تحدثا بشكرك، ويباهي بك أولياءه تنويها بذكرك، ويقول: أنت الذي تستكفي فتكون للدولة سهمها الصائب، وشهابها الثاقب، وكنزها الذي تذهب الكنوز وليس بذاهب، وما ضرها وقد حضرت في نصرتها إذا كان غيرك هو الغائب، فاشكر إذا مساعيك التي أهلتك لما أهلتك، وفضلتك على الأولياء بما فضلتك، ولئن شوركت في الولاء بعقيدة الإضمار، فلم تشارك في عزمك الذي انتصر للدولة فكان له بسطة الانتصار، وفرق بين من أمد بقلبه وبين من أمد بيده في درجات الأمداد، وما جعل الله القاعدين كالذين قالوا لو أمرتنا لضربنا أكبادها إلى برك الغماد، وقد كفاك من المساعي أنك كفيت الخلافة أمر منازعيها، وطمست على الدعوة الكاذبة التي كانت تدعيها، ولقد مضى عليها زمن ومحراب حقها محفوف من الباطل بمحرابين، ورأت ما رآه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من السوارين اللذين أوّلهما كذابين، فمبصر منهما واحد تاه بمجرى أنهارها من تحته، ودعا الناس إلى عبادة طاغوته وجبته، ولعب بالدين حتى لم يدر يوم جمعته من يوم أحده ولا يوم سبته، وأعانه على ذلك قوم رمى الله بصائرهم بالعمي والصمم، واتخذوه صنما بينهم ولم تكن الضلالة هناك إلا بعجل أو صنم، فقمت أنت في وجه باطله حتى قعد، وجعلت في جيده حبلا من مسد، وقلت ليده تبت فأصبح وهو