للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هذا النوع لفظة الأخدع، فإنها وردت في بيتين من الشعر، وهي في أحدهما حسنة رائقة، وفي الآخر ثقيلة مستكرهة، كقول الصّمّة بن عبد الله من شعراء الحماسة «١» :

تلفّتّ نحو الحيّ حتّى وجدتني ... وجعت من الإصغاء ليتا وأخدعا «٢»

وكقول أبي تمام «٣» :

يا دهر قوّم من أخدعيك فقد ... أضججت هذا الأنام من خرقك

ألا ترى أنه وجد لهذه اللفظة في بيت أبي تمام من الثقل على السمع والكراهة في النفس أضعاف ما وجد لها من بيت الصمة بن عبد الله من الروح والخفة والإيناس والبهجة، وليس سبب ذلك إلا أنها جاءت موحّدة في أحدهما مثنّاة في الآخر، وكانت حسنة في حالة الإفراد، مستكرهة في حالة التثنية، وإلا فاللفظة واحدة، وإنما اختلاف صيغتها فعل بها ما ترى.

ومن هذا النوع ألفاظ يعدل عن استعمالها من عير دليل يقوم على العدول عنها، ولا يستفتي في ذلك إلا الذوق السليم، وهذا موضع عجيب لا يعلم كنه سره.

فمن ذلك لفظة اللب الذي هو العقل، لا لفظة اللب الذي تحت القشر، فإنها لا تحسن في الاستعمال إلا مجموعة، وكذلك وردت في القرآن الكريم في مواضع كثيرة وهي مجموعة، ولم ترد مفردة، كقوله تعالى: «وليتذكر أولوا الألباب»

<<  <  ج: ص:  >  >>