فمن ذلك لفظة الثّلث والرّبع إلى العشر فإن الجميع على وزن واحد، وإذا ثقلنا أوساطها فقلنا ثلث وربع وخمس، وكذلك إلى عشر؛ فإن الحسن من ذلك جميعه ثلاثة، وهي الثّلث والخمس والسّدس، والباقي وهو الرّبع والسّبع والثّمن والتّسع والعشر، ليس كالأول في حسنه، هذا، والجميع على وزن واحد وصيغة واحدة، والجميع حسن في الاستعمال قبل أن يثقل وسطه، ولما ثقل صار بعضه حسنا وبعضه غير حسن.
وكذلك تجد الأمر في أسماء الفاعلين كالثلاثي منها نحو فعل بفتح الفاء والعين وفعل بفتح الفاء وكسر العين وفعل بفتح الفاء وضم العين، فإن هذه الأوزان الثلاثة لها أسماء فاعلين، أما فعل بفتح الفاء والعين فليس له إلا اسم واحد أيضا وهو فاعل، لا غير، ولا يقع فيه اختلاف، وكذلك فعل بفتح الفاء وضم العين فليس له إلا اسم واحد أيضا، وهو فعيل، ولا يقع فيه اختلاف إلا ما شذ، لكن فعل بفتح الفاء وكسر العين يقع في اسم فاعله الاختلاف استحسانا واستقباحا، لأن له ثلاثة أوزان نحو فاعل وفعل وفعلان، تقول منه: حمد فهو حامد وحمد وحمدان، وقد جاء على وزنه فرح، تقول منه: فرح زيد فهو فرح، وهو الأحسن، ولا يحسن أن يقال: فارح، ولا فرحان، وإن كان جائزا، لكن فرحان أحسن من فارح، وقد وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم فلا تستعمل إلا على فرح لا غير، كقوله تعالى:
«كل حزب بما لديهم فرحون» *
وكقوله تعالى:«إن الله لا يحب الفرحين»
وقد جاءت هذه اللفظة في شعر بعض شعراء الحماسة في باب المراثي «١» :
فما أنا من حزن وإن جلّ جازع ... ولا بسرور بعد موتك فارح
وهذا غير حسن، وإن جاز استعماله.
وعلى نحو منه يقال: غضب وهو غضبان، ولا يقال: غاضب، وإن كان