والفرق بينه وبين الإخبار بالفعل المستقبل عن الماضي أن الغرض بذاك تبيين هيئة الفعل واستحضار صورته، ليكون السامع كأنه يشاهدها، والغرض بهذا هو الدلالة على إيجاد الفعل الذي لم يوجد.
فمن أمثلة الإخبار بالفعل الماضي عن المستقبل قوله تعالى: ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض
فإنه إنما قال ففزع
بلفظ الماضي بعد قوله ينفخ
وهو مستقبل للإشعار بتحقيق الفزع، وأنه كائن لا محالة؛ لأن الفعل الماضي يدل على وجود الفعل وكونه مقطوعا به.
وكذلك جاء قوله تعالى: ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا
وإنما قيل وحشرناهم
ماضيا بعد نسير
وترى
وهما مستقبلان للدلالة على أن حشرهم قبل التسير والبروز ليشاهدوا تلك الأحوال، كأنه قال: وحشرناهم قبل ذلك؛ لأن الحشر هو المهم؛ لأن من الناس من ينكره كالفلاسفة وغيرهم، ومن أجل ذلك ذكر بلفظ الماضي.
ومما يجري هذا المجرى الإخبار باسم المفعول عن الفعل المستقبل، وإنما يفعل ذلك لتضمنه معنى الفعل الماضي، وقد سبق الكلام عليه.
فمن ذلك قوله تعالى إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود
فإنه إنما آثر اسم المفعول الذي هو (مجموع) على الفعل المستقبل الذي هو يجمع لما فيه من الدلالة على ثبات معنى الجمع لليوم، وأنه الموصوف بهذه الصفة، وإن شئت فوازن بينه وبين قوله تعالى: يوم يجمعكم ليوم الجمع