للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد بدت البغضاء من أفواههم، فلما حذفت الواو جاء الكلام أوجز، وأحسن طلاوة، وأبلغ تأليفا ونظما، وأمثاله في القرآن الكريم كثير.

واعلم أنه قد حذفت الواو وأثبتت في مواضع؛ فأما إثباتها فنحو قوله تعالى:

وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم

، وأما حذفها فنحو قوله تعالى: وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون.

وعلى هذا فلا يجوز حذف الواو وإثباتها في كل موضع، وإنما يجوز ذلك فيما هذا سبيله من هاتين الآيتين.

ولنبين لك في ذلك رسما تتّبعه، فنقول: اعلم أن كل اسم نكرة جاء خبره بعد «إلّا» يجوز إثبات الواو في خبره وحذفها، كقولك: ما رأيت رجلا إلا وعليه ثياب، وإن شئت قلت: إلا عليه ثياب، بغير واو؛ فإن كان الذي يقع على النكرة ناقصا فلا يكون إلا بحذف الواو، نحو قولك: ما أظن درهما إلا هو كافيك، ولا يجوز إلا وهو كافيك، بالواو؛ لأن الظن يحتاج ألى شيئين، فلا يعترض فيه بالواو؛ لأنه يصير كالمكتفي من الأفعال باسم واحد، وكذلك جواب ظننت وكان وإنّ وأشباهها، فخطأ أن تقول: إن رجلا وهو قائم، ونحو ذلك، ويجوز هذا في «ليس» خاصة، تقول: ليس أحد إلا وهو قائم؛ لأن الكلام يتوهم تمامه بليس وبحرف ونكرة «١» ألا ترى أنك تقول: ليس أحد، وما من أحد، فجاز فيها إثبات الواو، ولم يجوز في أظن؛ لأنك لا تقول: ما أظن أحدا، فأما أصبح وأمسى ورأى فإن الواو فيهن أسهل؛ لأنهن توأم في حال «٢» ، وكان وأظن ونحوهما بنين على النقص، إلا إذا كانت تامة، وكذلك «لا» في التنزيه وغيرها، نحو: لا رجل، وما من رجل؛ فيجوز إثبات الواو فيها وحذفها.

<<  <  ج: ص:  >  >>