للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشفار، ولقد فرّ من المكروه إلى مثله، لكنه انتقل من ميتة عزّه ألى ميتة ذلّه، وكذلك آثار الخادم في أعداء الله فهم هلكى بسيفه في مواقف الطراد، فإن فرّوا فبخوفه على جنوب الوساد، وبعد هذه فهل يمترون في أن دماءهم قد استجابت لمراده، وأن سواء لديه من أمكن منها في دنوه ومن امتنع منها في بعاده، وكل ذلك مستمد من الاستنصار بعناية الديوان العزيز التي من شأنها أن تجعل الرؤيا حقا، وأحاديث الأمال صدقا، وتقرّب بعيدات الأمور حتى تجعل الشرق غربا والغرب شرقا، فهذا الفتح منسوب إليها، وإن كان الخادم هو الساعي في تسهيله، والمجاهد بنفسه وماله في سبيله، فعلى عطف دولتها ترقم أعلامه، وفي أيامها تؤرخ أيامه، ولو أبيح للقلم الخيلاء في مقام المقال، كما أبيح لصاحبه في مقام القتال، لاختالت مشيته في هذا الكتاب، ولقال وأسهب فليس الإكثار ههنا من الإسهاب، لكنه منعه من ذلك أن يكون ممن فخر بعمله فأبطله، وأرسل خطابه إلى الديوان العزيز فلم يقبضه بالأدب حين أرسله، وقد ارتاد من يبلّغ عنه مشاريح هذه الوقائع التي اختصرها، ويمثل صورها لمن غاب عنها كما تمثلت لمن حضرها، ويكون مكانه من النباهة كريما كمكانها، وهي عرائس المساعي فأحسن الناس بيانا مؤهل لإيداع حسانها، والسائر بها فلان وهو راوي أخبار نصرها التي صحبها في تجريح الرجال، وعوالي إسنادها مأخوذة من طرق العوال، والأيام والليالي رواة فما الظن برواية الأيام والليال، وستتلو هذه الأخبار الصادقة بمشيئة الله أخبار مثلها صادقة، وما دامت السيوف ناطقة في يد الخادم فالألسنة عنها ناطقة، وللآراء العالية مزيد العلو، إن شاء الله تعالى.

وأما التقليد فإنه تقليد أنشأته لمنصب الحسبة، وهو: أما بعد؛ فقد جعل الله جزاء التمكين في أرضه، أن يقام بحدود فرضه، ونحن نسأله التوفيق لهذا الأمر الذي ثقل حمله، وعدم أهله، فقد جيء بنا في زمن أصبح الناس فيه سدى، وعاد الإسلام فيه غريبا كما بدا، وهو الزمن الذي كثرت فيه أشراط اليوم الأخير، وغربلت فيه الأمة حتى لم يبق إلا حثالة التمر والشعير، ومن أعمّ ما نقرر بناءه ونقدم عناءه، ونصلح به الزمن وأبناءه، أن نمضي أحكام الشريعة المطهرة على ما قررته، في تعريف ما عرفته وتنكير ما نكرته، ومدار ذلك على النظر في أمر الحسبة التي تتنزل

<<  <  ج: ص:  >  >>