مناسب واقع في موقعه، وإذا كان مناسبا واقعا في موقعه فقد حصل المراد منه، ودلّ الدليل حينئذ أنها ليست بزائدة.
الوجه الآخر: أن هذه اللفظة لو كانت زائدة لكان ذلك قدحا في كلام الله تعالى، وذاك أنه يكون قد نطق بزيادة في كلامه لا حاجه إليها، والمعنى يتم بدونها، وحينئذ لا يكون كلامه معجزا؛ إذ من شرط الإعجاز عدم التطويل الذي لا حاجة إليه، وإن التطويل عيب في الكلام، فكيف يكون ما هو عيب في الكلام من باب الإعجاز؟ هذا محال.
وأما قوله تعالى: فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه
فإنه إذا نظر في قصة يوسف عليه السلام مع إخوته منذ ألقوه في الجبّ وإلى أن جاء البشير إلى أبيه عليه السلام وجد أنه كان ثمّ إبطاء بعيد، وقد اختلف المفسرون في طول تلك المدة، ولو لم يكن ثمّ مدة بعيدة وأمد متطاول لما جيء بأن بعد لمّا وقبل الفعل، بل كانت تكون الآية فلما جاء البشير ألقاه على وجهه.
وهذه دقائق ورموز لا تؤخذ من النحاة؛ لأنها ليست من شأنهم.
واعلم أن من هذا النوع قسما يكون المعنى فيه مضافا إلى نفسه مع اختلاف اللفظ، وذلك يأتي في الألفاظ المترادفة، وقد ورد في القرآن الكريم، واستعمل في فصيح الكلام.
فمنه قوله تعالى: والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم
والرجز هو العذاب.
وعليه ورد قول أبي تمام «١» :
نهوض بثقل العبء مضطلع به ... وإن عظمت فيه الخطوب وجلّت