أجازه؛ فقالوا: إذا كانت الألفاظ متغايرة والمعنى المعبر عنه واحدا فليس استعمال ذلك بمعيب، وهذا القول فيه نظر؛ والذي عندي فيه أن الناثر يعاب على استعماله مطلقا إذا أتى لغير فائدة، وأما الناظم فإنه يعاب عليه في موضع دون موضع؛ أما الموضع الذي يعاب استعماله فيه فهو صدور الأبيات الشعرية وما والاها، وأما الموضع الذي لا يعاب استعماله فيه فهو الأعجاز من الأبيات؛ لمكان القافية، وإنما جاز ذلك ولم يكن عيبا لأنه قافية، والشاعر مضطر إليها، والمضطر يحل له ما حرم عليه؛ كقول امريء القيس في قصيدته اللامية التي مطلعها:
ألا انعم صباحا أيّها الطّلل البالي
فقال:
وهل ينعمن إلّا سعيد مخلّد ... قليل الهموم لا يبيت بأوجال
وإذا كان قليل الهموم فإنه لا يبيت بأوجال، وهذا تكرير للمعنى، إلا أنه ليس بمعيب؛ لأنه قافية؛ وكذلك ورد قول الحطيئة «١» :
قالت أمامة لا تجزع فقلت لها ... إنّ العزاء وإنّ الصّبر قذ غلبا
هلّا التمست لنا إن كنت صادقة ... مالا نعيش به في النّاس أو نشبا
فالبيت الأول معيب؛ لأنه كرر العزاء والصبر؛ إذ معناهما واحد، ولم يردا قافية؛ لأن القافية هي الباء، وأما البيت الثاني فليس بمعيب؛ لأن التكرير جاء في النّشب وهو قافية.