ولو أنّ ما أسعى لأدنى معيشة ... كفاني ولم أطلب قليل من المال
ولكنّما أسعى لمجد مؤثّل ... وقد يدرك المجد المؤثّل أمثالي
تقديره: كفاني قليل من المال؛ فاعترض بين الفعل والفاعل بقوله:«ولم أطلب» وفائدته تحقير المعيشة وأنها تحصل بغير طلب ولا عناء، وإنما الذي يحتاج الى الطلب هو المجد المؤثل.
وكذلك قول جرير «١» :
ولقد أراني والجديد إلى بلى ... في موكب طرف الحديث كرام
تقديره: ولقد أراني في موكب طرف الحديث؛ فاعترض بين المفعولين، وإنما جاء بهذا الاعتراض تعزّيا عما مضى من تلك اللذة وذلك النعيم الذي فاز به من عشرة أولئك الأحباب، ولقد أعهدني في كذا وكذا من اللذة، وذلك قد مضى وسلف وبلي جديده، وكذلك كلّ جديد فإنه إلى بلى.
والاعتراض إذا كان هكذا كسا الكلام لطفا إن كان غزلا، وكساه أبهة وجلالا إن كان مديحا أو ما يجري مجراه من أساليب الكلام، وإن كان هجاء كساه تأكيدا وإثباتا، كقول كثّير «٢» :
لو انّ الباخلين وأنت منهم ... رأوك تعلّموا منك المطالا
فقوله «وأنت منهم» من محمود الاعتراض ونادره، وفائدته ههنا التصريح بما هو المراد، وتقدير هذا الكلام قبل الاعتراض: لو أن الباخلين رأوك؛ فاعترض بين اسم إنّ وهو الباخلين وبين خبرها وهو رأوك بالمبتدأ والخبر الذي هو «وأنت منهم» .
ومن محاسن ما جاء في هذا الباب قول المضرب السعدي «٣» :