وحيث فرقنا بين الكناية والتعريض وميزنا أحدهما عن الآخر فلنفصلهما، ونذكر أقسامهما، ولنبدأ أولا بالكناية؛ فنقول:
اعلم أن الكناية تنقسم قسمين: أحدهما: ما يحسن استعماله، والآخر ما لا يحسن استعماله، وهو عيب في الكلام فاحش.
وقد ذهب قوم إلى أن الكناية تنقسم أقساما ثلاثة: تمثيلا، وإردافا، ومجاورة.
فأما التمثيل فهو أن تراد الإشارة إلى معنى فيوضع لفظ لمعنى آخر، ويكون ذلك مثالا للمعنى الذي أريدت الإشارة إليه، كقولهم: فلان نقيّ الثوب: أي منزّه من العيوب.
وأما الإرداف فهو أن تراد الإشارة إلى معنى فيوضع لفظ لمعنى آخر، ويكون ذلك رادفا للمعنى الذي أريدت الإشارة إليه ولازما له، كقولهم: فلان طويل النّجاد: أي طويل القامة؛ فطول النجاد رادف لطول القامة ولازم له، بخلاف نقاء الثوب في الكناية عن النزاهة من العيوب؛ لأن نقاء الثوب لا يلزم منه النزاهة من العيوب، كما يلزم من طول النّجاد طول القامة.
وأما المجاورة فهي أن تريد ذكر الشيء فتتركه إلى ما جاوره، كقول عنترة «١» :
بزجاجة صفراء ذات أسرّة ... قرنت بأزهر في الشّمال مفدّم
يريد بالزجاجة الخمر، فذكر الزجاجة وكنى بها عن الخمر؛ لأنها مجاورة لها.
وهذا التقسيم غير صحيح؛ لأن من شرط التقسيم أن يكون كل قسم منه