للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولئن كان معناه دقيقا يدلّ على فرط الذكاء فإني لا أعده من اللغة العربية، فضلا عن أن يوصف بصفات الكلام المحمودة، ولا فرق بينه وبين لغة الفرس والروم وغيرهما من اللغات في عدم الفهم.

وأما ما ورد من الألغاز نثرا فقد ألغز الحريري في مقاماته ألغازا ضمنها ذكر الإبرة والمرود «١» وذكر الدينار، وهي أشهر كما يقال من قفا نبك؛ فلا حاجة إلى إيرادها في كتابي هذا.

وقد ورد من الألغاز شيء في كلام العرب المنثور غير أنه قليل بالنسبة إلى ما ورد في أشعارها، وقد تأملت القرآن الكريم فلم أجد فيه شيئا منها، ولا ينبغي أن يتضمن منها شيئا؛ لأنه لا يستنبط بالحدس والحزر كما تستنبط الألغاز.

وأما ما ورد للعرب فيروى عن امرىء القيس وزوجته عدة من الألغاز، وذاك أنه سألها قبل أن يتزوجها؛ فقال: ما اثنان وأربعة وثمانية؟ فقالت: أما الإثنان فثديا المرأة، وأما الأربعة فأخلاف النّاقة، وأما الثمانية فأطباء الكلبة؛ ثم إنه تزوجها وأرسل إليها هدية على يد عبد له، وهي حلّة من عصب اليمن ونحي من عسل ونحي من سمن، فنزل العبد ببعض المياه، ولبس الحلة فعلق طرفها بسمرة فانشقّ، وفتح النّحيين وأطعم أهل الماء، ثم قدم على المرأة وأهلها خلوف، فسأل عن أبيها وأمها وأخيها، ودفع إليها الهدية، فقالت له: أعلم مولاك أن أبي ذهب يقرّب بعيدا ويبعد قريبا، وأن أمّي ذهبت تشقّ النفس نفسين، وأن أخي يرقب الشمس، وأخبره أن سماءكم انشقّت، وأن وعاءيكم نضبا؛ فعاد العبد إلى امرىء القيس وأخبره بما قالته له، فقال: أما أبوها فإنه ذهب يحالف قوما على قومه، وأما أمّها فإنها ذهبت تقبل امرأة، وأما أخوها فإنه في سرح يرعاه إلى أن تغرب الشمس، وأما قولها: «إن

<<  <  ج: ص:  >  >>