وأما أبو الطيب فإنه أكثر من الابتداءات الحسنة في شعره؛ كقوله في قصيدة يمدح بها كافورا؛ وكان قد جرت بينه وبين ابن سيده نزغة، فبدأ قصيدته بذكر الغرض المقصود، فقال:
حسم الصّلح ما اشتهته الأعادي ... وأذاعته ألسن الحسّاد
وهذا من بديع الابتداء ونادره.
وكذلك ورد قوله في سيف الدولة، وكان ابن الشّمشقيق «١» حلف ليلقينّه كفاحا، فلما التقيا لم يطق ذلك، وولى هاربا، فافتتح أبو الطيب قصيدته بفحوى الأمر، فقال:
عقبى اليمين على عقبى الوغى ندم ... ماذا يزيدك في إقدامك القسم
وفي اليمين على ما أنت واعده ... ما دلّ أنّك في الميعاد متّهم
وكذلك قوله وقد فارق سيف الدولة وسار إلى مصر، فجمع بين ذكر فراقه إياه ولقائه كافورا في أول بيت من القصيدة، فقال:
فراق ومن فارقت غير مدمّم ... وأمّ ومن يمّمت خير ميمّم
ومن البديع النادر في هذا الباب قوله متغزلا في مطلع قصيدته القافية، وهي:
أتراها لكثرة العشّاق ... تحسب الدّمع خلقة في المآقي