ومن جملة الكتب المشار إليها مفتتح كتاب كتبته إلى بعض الإخوان، وهو:
سنحت روضة من جانب المجلس السامي جعل الله المعالي له رداء، ونهايات المساعي له ابتداء، وفداه بمن يقصر عن درجته حتى تكون الأكارم له فداء، وهدى المحامد لأفعاله وأهدى البقاء لأيامه حتى يجتمع له الأمران هدى وإهداء، وأتاه من السيادة ما يجعل أعداءه أصادق ومن السعادة ما يجعل أصدقاءه أعداء، فاستنشق الخادم رباها، وتلقى بالتحية محيّاها، واستمتع بأزهارها التي أنبتها سقيا الأقلام لا سقي الغمام، وقال: هذا ربيع الأرواح لا ربيع الأجسام، ولو رام الإحاطة بوصفها لكانت الأقوال المطولة فيها مختصرة، ولكنه اكتفى بأن رفعها على رأسه حتى يتمثل أن الجنة في شجرة، ومن أوصافها أنها جاءت رائدة ومن شأن الروض أن يرتاد، وحلت محاسنها التي هي في غيرها من حظ البصر وفيها من حظ السمع والبصر والفؤاد، ولما سرّح فيها نظره وجد شوقه حمامة تغرد في أكنافها، وتردّد الشّجى لبعد أليفها إذا رددته الحمائم لقرب ألّافها، وهذا قول له عند إخوان الصفاء علامة، وإذا تمثل كتاب الحبيب روضة فهل يتمثل شوق محبّه إلا حمامة، وأيّ فرق بين هذه وبين أخواتها من ذوات الأطواق؟ لولا أنها تملي شجوها على صفحات القلوب وتلك تمليه على عذبات الأوراق.
وهذا فصل من الكتاب، وهو غريب عجيب، وفيه معنيان مبتدعان، وأعجبهما وأغربهما قولي:«حتى يتمثل أن الجنة في شجرة» وهذا مستخرج من الحديث النبوي.
ومن جملة الكتب المشار إليها مفتتح كتاب كتبته إلى بعض الإخوان، وهو:
تضوّعت نفحة من تلقاء المجلس السامي رعى الله عهده وسقاه، وصان ودّه ووفاه، ويسر لي إلقاء العصا بملقاه، فعطرت الطريق التي سايرتها، والريح التي جاورتها، وأتت فأفرشتها خدي، وضممت عليها ودي، وجعلتها درعا لجيبي ولطيمة لردني وسخابا لعقدي، وعلمت أنها ليست بنفحة طيب، ولكنها كتاب حبيب، فإن مناشق الأرواح غير مناشق الأجسام، ولا يستوي عرف الطّيب وعرف الأقلام، ثم مددت