نادت بي الّلذّات ويحك فانتهز ... فرص المنى يأيّها المغرور
مل بي إلى جور السّقاة فإنّني ... أهوى سقاة الكأس حين تجور
هذا، وكم لي بالجنينة سكرة ... أنا من بقايا شربها مخمور
باكرتها وغصونها مغروزة ... والماء بين مروزها مذعور
في ستّة: أنا، والنّديم، وقينة، ... والكأس، والمزمار، والطّنبور
هذه الأبيات حسنة، وخروجها من شدق هذا الرجل الخبّاز عجيب، ولو جاءت في شعر أبي نواس لزانت ديوانه.
والاقتضاب الوارد في الشعر كثير لا يحصى، والتخلص بالنسبة إليه قطرة من بحر؛ ولا يكاد يوجد التخلص في شعر الشاعر المجيد إلا قليلا بالنسبة إلى المقتضب من شعره.
فمن الاقتضاب قول أبي نواس في قصيدته النونية التي أولها «١» :
يا كثير النّوح في الدّمن
وهذه القصيدة هي عين شعره والملاحة للعيون، وهي تنزل منه منزلة الألف لا منزلة النون، إلا أنه لم يكمل حسنها بالتخلص من الغزل إلى المديح، بل اقتضبه اقتضابا؛ فبينا هو يصف الخمر ويقول: