للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا يا ابن الّذين فنوا فماتوا ... أما والله ما ماتوا لتبقى

ومالك فاعلمن فيها مقام ... إذا استكملت آجالا ورزقا

وموضع الإنكار ههنا أنه قال «آجالا ورزقا» وكان ينبغي أن يقول: أرزاقا، أو أن يقول: أجلا ورزقا، وقد زاده إنكارا أنه جمع الأجل فقال «آجالا» والإنسان ليس له إلا أجل واحد، ولو قال أجلا وأرزاقا لما عيب؛ لأن الأجل واحد والأرزاق كثيرة؛ لاختلاف ضروبها وأجناسها.

وإذا أنصفنا في هذا الموضع وجدنا الناثر مطالبا به دون الناظم؛ لمكان إمكانه من التصرف.

وقد كنت أرى هذا الضرب من الكلام واجبا في الاستعمال، وأنه لا يحسن المحيد عنه، حتى مر بي في القرآن الكريم ما يخالفه، كقوله تعالى في سورة النحل: أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيوا ظلاله عن اليمين والشمائل

ولو كان الأحسن لزوم البناء اللفظي على سنن واحد لجمع اليمين كما جمع الشمال أو أفرد الشمال كما أفرد اليمين، وكذلك ورد قوله تعالى: أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون

فجمع القلوب والأبصار وأفرد السمع، وكذلك ورد قوله تعالى: حتى إذا ما جاوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم

فذكر السمع بلفظ الإفراد وذكر الأبصار والجلود بلفظ الجمع؛ وفي القرآن الكريم مواضع كثيرة هكذا، ولو كان هذا معتبرا في الاستعمال لورد في كلام الله تعالى الذي هو أفصح من كل كلام، والأخذ في مقام الفصاحة

<<  <  ج: ص:  >  >>