ولما كان هذا في معنى هذا قوبل أحدهما بالآخر، ولم يقابل اللفظ بنفسه.
وكذلك جاء قوله تعالى: ولئن سالتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزون
فذكر الاستهزاء الذي هو في معنى الخوض واللعب وقابل به الخوض واللعب، ولو ذكره على حد المماثلة والمساواة لقال: أفي الله وآياته ورسوله كنتم تخوضون وتلعبون.
فإن قيل: إنك قد احتججت بالقرآن الكريم فيما ذكرته، ونرى قد ورد في القرآن الكريم ما ينقضه، كقوله تعالى: والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها
ولم يقل جزاء سيئة سيئة مثلها.
الجواب عن ذلك أني أقول: أردت أن تنقض عليّ ما ذكرته فلم تنقضه، ولكنك شيّدته، والذي ذكرته هو دليل لي لا لك، ألا ترى أنه لا فرق بين قوله تعالى جزاء سيئة بمثلها
وبين قوله جزاء سيئة سيئة مثلها؛ إذ المعنى واحد لا يختلف، ولو جاء عوضا عن السيئة لفظة أخرى في معناها كالأذى والسوء أو ما جرى مجراهما لصح لك ما ذهبت إليه.
وقد ذهب بعض المتصدرين في علم البيان أنه إذا ذكرت اللفظة في أول كلام يحتاج إلى تمام، وإن لم يكن جوابا كالذي تقدم؛ فينبغي أن تعاد بعينها في آخره، ومتى عدل عن ذلك كان معيبا، ثم مثل ذلك بقول أبي تمام وقول أبي الطيب المتنبي، فقال: إن أبا تمام أخطأ في قوله «١» :