للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسلم ودمت على الحوادث ما رسا ... ركنا ثبير، أو هضاب حراء

ونل المراد ممكّنا منه على ... رغم الدّهور، وفز بطول بقاء

وهذا من الجيد الذي يأتي في هذا النوع، إلا أن أثر التكلف عليه باد ظاهر، وإذا نظر إلى هذين البيتين، وجدا وهما يذكران على قافية أخرى وبحر آخر، وذاك أن يقال:

اسلم ودمت على الحوا ... دث مارسا ركنا ثبير

ونل المراد ممكّنا ... منه على رغم الدّهور

وقد استعمل ذلك الحرير في مقاماته، نحو قوله:

يا خاطب الدّنيا الدّنيّة إنّها ... شرك الرّدى، وقرارة الأكدار

دار متى ما أضحكت في يومها ... أبكت غدا، بعدا لها من دار

وإذا أظلّ سحابها لم ينتفع ... منه صدى، لجهامه الغرّار

واعلم أن هذا النوع لا يستعمل إلا متكلفا عند تعاطي التمكن من صناعة النظم، وحسنه منوط بما فيه من الصناعة، لا بما فيه من البراعة؛ ألا ترى أنه لو نظم عليه قصيد من أوله إلى آخره يتضمن غزلا ومديحا على ما جرت به عادة القصائد أليس أنه كان يجيء باردا غثّا لا يسلم منه على محكّ النظر عشره؟ والعشر كثير، وما كان على هذه الصورة من الكلام فإنما يستعمل أحيانا على الطبع، لا على التكلف، وهو وأمثاله لا يحسن إلا إذا كان يسيرا، كالرقم في الثوب أو الشّية في الجلد.

<<  <  ج: ص:  >  >>