وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم ... يقولون لا تهلك أسى وتجلّد
وقد أكثر الفرزدق وجرير من هذا في شعرهما، فمنه ما وردا فيه مورد امريء القيس وطرفة في تخالفهما في لفظة واحدة، كقول الفرزدق:
أتعدل أحسابا لئاما حماتها ... بأحسابنا إنّي إلى الله راجع
وكقول جرير:
أتعدل أحسابا كراما حماتها ... بأحسابكم إنّي إلى الله راجع
ومنه ما تساويا فيه لفظا بلفظ، كقول الفرزدق:
وغرّ قد نسقت مشهّرات ... طوالع لا تطيق لها جوابا «١»
بكلّ ثنيّة وبكلّ ثغر ... غرائبهنّ تنتسب انتسابا
بلغن الشّمس حين تكون شرقا ... ومسقط رأسها من حيث غابا
وكذلك قال جرير من غير أن يزيد.
وقد حكي أن امرأة من عقيل يقال لها «ليلى» كان يتحدث إليها الشباب، فدخل الفرزدق إليها، وجعل يحادثها، وأقبل فتى من قومها كانت تألفه، فدخل إليها، فأقبلت عليه وتركت الفرزدق، فغاظه ذلك، فقال للفتى:
أتصارعني؟ فقال: ذاك إليك، فقام إليه، فلم يلبث أن أخذ الفرزدق فصرعه، وجلس على صدره، فضرط، فوثب الفتى عنه، وقال: يا أبا فراس، هذا مقام العائذ بك والله ما أردت ما جرى، فقال: ويحك! والله ما بي أنك صرعتني، ولكن كأني بابن الأتان- يعني جريرا- وقد بلغه خبري فقال يهجوني:
جلست إلى ليلى لتحظى بقربها ... فخانك دبر لا يزال يخون