الباب مغلقا، فجلست عند الباب فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فزع، ووجهه يقطر عرقا، وحفصة تبكي، فقال: ما يبكيك؟ قالت: إنما أذنت لي من أجل هذا؟ أدخلت أمتك بيتي، ثم وقعت عليها على فراشي، ما كنت تصنع هذا بامرأة منهن؟ أما والله لا يحل لك هذا يا رسول الله، فقال: والله ما صدقت، أليس هي جاريتي وقد أحلها الله لي؟ أشهدك أنها علي حرام ألتمس رضاك، لا تخبري بهذا امرأة منهن، فهي عندك أمانة فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قرعت حفصة الجدار الذي بينها وبين عائشة، فقالت: ألا أبشرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حرم عليه أمته، وقد أراحنا الله تعالى منها: فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} ثم قال: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} فهي عائشة وحفصة كانتا لا تكتم إحداهما الأخرى شيئا، فجئت فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، في مشربته فيها حصير، وإذا سقاء من جلود معلقة، وقد أفضى جنبه إلى الحصير، فأثر الحصير في جنبه، وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف، فلما رأيته بكيت، فقال: ما يبكيك؟ قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فارس والروم يضطجع أحدهم على الديباج، فقال: هؤلاء قوم عجلوا طيباتهم في الدنيا، والآخرة لنا، فقلت يا رسول الله: فما شأنك؟ فعن خبر أتاك اعتزلتهن؟ فقال: لا، ولكن