للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معناه شيء زائد على مجردِ الإيمان؛ لأن مجرد الإيمان الذي هو تصديق لايتجزأُ، وإنما يكون هذا التجزؤُ لشيء زائدٍ عليه ... ) (١) .

وفي شرح حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ على رَجُلٍ من الأَنصار يعظُ أَخاه في الحياء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (دَعْه فإنَّ الحياء من الإِيمان) (٢)

يقول الكرماني مُجيبًا على من استشكل عدَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - الحياء شعبة من الإيمان:

(فإن قُلتَ: فإذا كان الحياء بعض الإِيمان، فإذا انتفى الحياء انتفى بعض الإِيمان، وإذا انتفى بعض الإِيمان = انتفى حقيقةُ الإِيمان؛ فيلزم أَن الشخص إِذا لم يستحِ يكون كافرًا.

قلتُ [القائل الكرماني]:المرادُ من الإيمان، هو الإيمان الكامل. والتقريبُ ظاهر =نعم لو قيل: الأَعمالُ داخلةٌ في حقيقة الإيمان =لكان مُشْكلًا) (٣)

بل إنَّ أنور شاه الكشميري أَخذ يطعن في الأحاديث المُصرِّحة بالتفاوت، وأنَّ ما دل عليه القرآن كاف في تقرير هذه المسألة، وفي ذلك يقول: (واعلم أن إطلاق الإيمان على الأعمال مما لا يمكن إنكاره، فقد


(١) "إكمال المعلم"للقاضي عياض (٢/ ٨٢٥) والقاضي عياض (٤٧٦ - ٥٠٤ هـ) هو: عياض بن موسى بن عياض بن عمرو، أبوالفضل اليَحْصَبي الأندلسي، ثم السبتي، أحد أعلام المالكية استبحر من العلوم، وسارت بتآليفه الرُّكبان، ومن مؤلفاته "مَشَارق الأَنوارِ"،و"الشِّفا"=انظر: "سير أعلام النُّبلاء" (٢٠/ ٢١٢)
(٢) سبق تخريجه في المطلب الأوَّل.
(٣) "الكواكب الدَّراري في شرح صحيح البخاري"للكِرماني (١/ ١٢١) و الكرماني (٧١٧ - ٧٨٦ هـ):محمد بن يوسف بن علي بن عبد الكريم الكرماني الشَّافعي، طاف البلاد، ودخل مصر والشّام والحجاز والعراق، ثم استوطن بغداد وتصدى لنشر العلم بها نحو ثلاثين سنة، كان مقبلًا على شأنه مُعْرضًا عن أبناء الدُّنيا، من مؤلفاته: "شرح صحيح البخاري"=انظر: "شذرات الذهب" (٨/ ٥٠٥)

<<  <   >  >>