للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالوعيدية جعلوا الطَّاعاتِ بجملتِها ركنًا في الإيمان ولم يُفرِّقوا بين ما ينتفي به أصلُ الإيمان من آحاد العمل، وبين ما لا ينتفي، وجعلوا الإخلال بها جميعًا موجبًا لسلب الإيمان منه.

ومن العجيب أن كثيرًا ممن تعرض لبيان موقف السلف من الأعمال لم يُصب مرمى السَّدادِ في فهم مَرامِي كلامهم -رحمهم الله - فظنَّ أنَّ الفارقَ بين السلف و الوعيديةِ مع اعتبار كلٍ منهما للعمل بأنه من الإيمان = أنَّ السَّلفَ يجعلون العمل شرطَ كمالٍ لا ينتفي الإيمان بانتفائه، بخلاف الوعيدية فإنهم يجعلونه شرط صحة ينتقض الإيمان بفواته.

وهذا غلط على مذهب السلف - رحمهم الله - وبُعْدٌ منهم في توجيه مرادهم، وهذا تجده عند بعض شرّاح الحديث كابن حجر (١)، والطيبي (٢) .

الثاني: أَنَّ المعتزلةَ ينفون وصف الإسلامِ عن مرتكب الكبيرة، وأهل السنة لا ينفون عنه هذا الوصفَ.

الثالث: أن المعتزلة يقولون بتخليده في النَّار = وأهل السنة ينكرون ذلك ويُبْطلونه.

الرَّابع: أنَّ المعتزلة القائلين بالمنزلة بين المنزلتين، يجعلون صاحب الكبيرة ليس معه شيء من الإيمان يخرج به من النار. وأهل السنة لا يسلبونه مطلق الإيمان بل يسلبونه الإيمان المطلق الذي رتَّب اللهُ تعالى عليه المدحَ والثَّناءَ، ودخولَ الجَنَّةِ ابتداءًا (٣) .


(١) انظر: "فتح الباري"لابن حجر (١/ ٦٤)
(٢) "الكاشف عن حقائق السُّنن"للطيبي (١/ ١٠٢) وانظر: " أصول الدين"للبزدوي (١٤٩)
(٣) انظر: "جامع المسائل" لابن تيمية (٢٤٢ - المجموعة الخامسة)

<<  <   >  >>