للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التفاوت فمسمى الإيمان لايقبل الزيادة والنقصان) (١)

ويُقرّرُ المُهلَّبُ بن أَبي صُفرة امتناع وقوع التفاوت في التصديق، فيقول: (التصديق وإن كان يُسمّى إِيمانًا في اللُّغةِ، فإنَّ التصديقَ يكمل بالطَّاعاتِ كُلِّها، فما ازداد المؤمن من أَعمال البِرِّ كان من كمال إيمانه، وبهذه الجُملة يزيد الإيمان وبنقصانها ينقص. .فمتى نقصت أَعمال البرِّ نقص كمال الإيمان، ومتى زادت زاد الإيمان كمالًا، هذا توسُّط القول في الإيمان، وأمَّا التصديق بالله وبرسُلِهِ =فلا يَنْقُصُ) (٢)

والمَنْعُ من التفاوت سببُهُ كما نقل ذلك المُلَّا علي القاري عن كتاب "الوصية" المنسوب للإمام أَبي حنيفة (٣) - رحمه الله -: (ثم الإيمان لا يزيد ولا ينقص؛ لأنَّه لا يُتصوَّرُ زيادةُ الإيمانِ إلَاّ بنُقصانِ الكُفر، و لا يتصور نقصان الإيمان إلَاّ بزيادةِ الكفر= فكيف أن يكون الشخصُ الواحدَ في حالة واحدة مؤمنًا كافرًا) (٤)

بل إِنَّ الإمامَ ابن حزم - رحمه الله - مع ردِّه على المرجئة، والوعيدية، وذهابه إلى أنّ الإيمانَ حقيقةٌ مركبةٌ مِن اعتقادٍ، وقولٍ، وعمل، وأَنَّ


(١) "محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين"للرَّازي (٥٧٠ - ٥٧١)
(٢) "شرح صحيح البخاري"لابن بطَّال (١/ ٥٦ - ٥٧)، والمُهلَّب (؟ -٤٣٥ هـ) هو: المهلب بن أحمد ابن أَبي صُفرة الأسدي الأندلسي، إمام حافظ محدث من الفُصحاء الموصوفين بالذّكاء، من تصانيفه "شرح البخاري"=انظر: "السير" (١٧/ ٥٧٩)، و"شجرة النور الزكيّة" (١/ ١١٤)
(٣) وهي من الرَّسائل التي لا تصحُ نسبتها إليه، وذلك لأمرين: ...
الأول: كونها رويت بسندٍ مُسلسل بالمجاهيل.
الثاني: ما تضمنته من مسائلَ كثيرةٍ مُخالفةٍ لمعتقد أَهل السُّنّة، ولما انضبط من اعتقاده -رحمه الله- خصوصاً فيما سطره عنه الإمام الطحاوي في العقيدة الذائعةانظر تفصيل ما أجمل من ذلك في طيات كتاب: "براءة الأئمة الأربعة"للدكتور عبدالعزيز الحميدي (٧٦ - ٧٩)
(٤) "شرح الفقه الأكبر"لمُلَّا علي القاري (١٨٥)

<<  <   >  >>