للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مرتكب الكبيرة لا يُسلب عنه الإيمان بسبب مقارفته لها= ذهب إلى المنع من وقوع الزيادة والنقص في التصديق كما هو مذهب المخالفين لأَهلِ السُّنَّة والجماعة، وقصر التفاوت على غير التصديق، فالتصديق -عنده- لا يمكن بحال أن يقبل التفاوت استنادًا إلى ذات الشُّبهةِ.

يقول - رحمه الله -: (والتصديق بالشيء أي شيء كان، لايمكن ألبتَّة أن يقع في زيادة ونقص=وكذلك التصديق بالتوحيد والنبوَّة، لا يمكن ألبتة أن يكون فيه زيادة ولا نقص؛ لأنَّه لايخلو كل معتقد بقلبٍ، أَو مقر بلسانه بأي شيء أقرَّ أَو أي شيء اعتقد= من أحد ثلاثة أوجه لا رابع لها:

-إما أن يصدق بما اعتقد وأقرَّ.

-وإما أن يُكذِّب بما اعتقد.

-وإما منزلة بينهما؛ وهي الشك، فمن المحال أن يكون إنسان مكذبًا بما يصدق به.، ومن المحال أن يشكَّ أحدٌ فيما يصدُّق به= فلم يبق إلا أنَّه يصدق بما اعتقد بلا شك ولايجوز أن يكون تصديق واحد أكثر من تصديق آخر؛ لأنَّ أحدَ التصديقين إذا [دخلته داخلة] (١) فبالضَّرورة يَدْري كل ذي حسِّ سليمٍ أنَّه قد خرج عن التصديق ولابدَّ، وحصل في الشك؛ لأنَّ معنى التصديق إنما هو: أن يقطعَ ويوقنَ وجود ما صدقَّ به= ولا سبيل إلى التفاضل في هذه الصِّفة) (٢)


(١) في النسخة المطبوعة بتحقيق محمد إبراهيم نصر، وعبدالرحمن عميرة: (إذا دخلت داخله) ولعل صواب العبارة ما أثبته طبقًا لِما في النُّسخة القديمة من الفَصْل (٣\ ١٩٣ - مصورة دار الفكر)
(٢) "الفَصْل في الملل والنحل"لابن حزم (٣\ ٢٣٢ - ٢٣٣) وانظر: كذلك المرجع نفسه (٣/ ٢٣٧)

<<  <   >  >>