فثبوتُ النَّقصِ عند ابن حزم وغيره يقتضي سَرَيَان الشَّكِ في الإيمان. والشَّكُّ والتَّصديقُ لايجتمعان = فوجب عنده الذهاب إلى نفي التفاضل والتبعض في التصديق جملة.
فهذه النُّصوص تدل بجلاء على استناد المخالفين في هذا الباب -أعني نفي الزيادة والنقصان، والتفاضل في الإيمان- إلى ما ظنوا أنه عمل بموجب الضرورة العقليَّة، وهي استحالة الجمع بين النَّقيضينِ والتي كان ابتناء نفي التفاوت عليها.
ولمَّا رأى بعضهم أنَّ في نفي الزيادة والنقصان مخالفةً صريحة للأدلة الشرعية، وسببًا لورود اللوازم الباطلة عليهم =حاولوا صرف الزيادة إلى ما يمكن أن يقع فيه التفاوت كالأعمال والتي هي ثمرة عندهم، أَو إلى متعلقات الإيمان كما يقولون.
فالباقلاني - رحمه الله - مثلًا أراد أن يُوفِّقَ بين تلك الضرورة العقلية المدَّعاة وبين ما توافرت عليه الأدلة من إثبات الزيادة والنقص في حقيقة الإيمان فلم يجد بُدًّا من هذا التوفيق الذي أدَّاه في الواقع إلى مخالفة الحقائق الشرعية و الضرورة العقليَّة فقال: (لا ننكر أن نُطْلِق أَنَّ الإيمانَ يزيدُ ويَنْقص كما جاء في الكتاب والسُّنَّة.
لكن النقصان والزيادة يرجع في الإيمان إلى أحد أمرين:
- إما أن يكون ذلك راجعًا إلى القول والعمل دون التصديق؛ لأن ... ذلك يتصور فيهما مع بقاء الإيمان فأما التصديق فمتى انخرم منه أدنى شيء بطل الإيمان ...
والأمر الثاني: في جواز إطلاق الزيادة والنقصان على الإيمان يتصور أيضًا من حيثُ الحُكم لا من حيث الصورة، فيكون ذلك أيضًا في الجميع من التصديق والإقرار والعمل، ويكون المراد بذلك في الزيادة