للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورسله، وتؤمن بالبعث) (١) .

=استشكل جوابَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عن سؤال جبريل بـ (ما) التي هي أداة للسؤال عن حقيقة الماهية عند أَصحاب المنطق، و التي لا يُجاب بها إلَاّ في ثلاثةِ أشياء محصورة، وهي "الجنس"، أو "النوع"، أو "الحد" (٢) .

فقال (قوله: " أن تؤمن بالله" فإن قلت: ماوجه تفسير الإيمان (بأن تؤمن) وفيه تعريف الشيء بنفسه.

قلتُ [القائل: الكرماني]: ليس تعريفًا بنفسه؛ إذِ المرادُ من المحدود الإيمان الشرَّعي، ومن الحدِّ الإيمان اللغوي، أَو المتضمن للاعتراف) (٣)

فجعل جواب رسول - صلى الله عليه وسلم - خارجًا عن قوانين المنطق، وبيانًا للإيمان بيانًا لُغويًا ليس المراد منه ذكرَ حقيقةِ الإيمان الشرعية!

وما ذكره باطلٌ لأَمرين:

الأول: أَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قد نزّهه الله -تبارك وتعالى- عن السَّيرِ على قوانين منطق اليونان، فليس مفتقرًا إلى استعمال شيء من أَساليبهم وقواعدهم التي هي في حقيقة أَمرها متولِّدة لدفعِ أَقيسةٍ سوفسطائية فاسدة، فليست في واقع الأمر تأثيلًا صحيحًا لإحراز المعرفة، لذا كان - صلى الله عليه وسلم - مُستغنٍ عنها بما شرعه الله جل جلاله له، وبما فطَرَه عليه من وفور العقل وكمال النَّظر.

الثاني: أنّ الأصل في كلام رسول - صلى الله عليه وسلم - الحمل على كونه بيانًا


(١) أخرجه البخاري كتاب "الإيمان " باب "سؤال جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان والإسلام" (١٤ - رقم [٥٠]) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) انظر: "آداب البحث والمناظرة"للشنقيطي (٤٧) .
(٣) " الكواكب الدَّراري في شرح صحيح البخاري" (١/ ١٩٤) .

<<  <   >  >>