للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الإمام البخاري - رحمه الله - (يعني: صلاتكم عند البيت) (١)

فسمَّى الله الصلاةَ إيمانًا، وليس بعدَ تسمية الله لها بذلك قولٌ لأحدٍ كائنًا من كان، وما زال السلف والأئمة على تفسير الآية بذلك، حتى نجمت المرجئة، وابتدعوا القول في الإيمان.

يقول الإمام ابن حزم: (ولم يزل أهل الإسلام - قبل الجهمية، والأشعرية، والكرامية، وسائر المرجئة - مجمعين على أنه تعالى إنما عني بذلك صلاتهم إلى البيت المقدس قبل أن ينسخ بالصلاة إلى الكعبة) (٢)

أما القضية الرابعة: فهي شُبهة مَن رد السُّنن، بحجة الاكتفاء بالقرآن، وأنّ فيه الحقيقة دون ما عداه.

وقد أمر الله تعالى باتباع سُنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} الحشر: ٧ وبرّأه عن الهوى في قوله، فقال: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} النجم: ٣ - ٤ فهذا عام في كل ما نطق به المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أنّه وحي وحقٌ لا يجامعه باطل أبدًا. والسُّنّة كالقرآن حُكمًا ونَوعًا، فأمَّا حُكمًا فمن جِهة أَنَّ لزوم التَّحاكُمِ إليها كلزوم التَّحاكم إلى القُرآن، وأمَّا المِثليّة في النَّوع =فمن جهة أَنَّ كليهما وَحيٌ من الله تعالى غير أَنَّ القُرآن وحيٌ متلو، والسُّنّة ليست كذلك. وبرهان ما سبق ما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: (ألا إنِّي أُوتيت القرآن، ومثله معه) (٣)

قال الإمام ابن حبان: (هذه الأخبار مما ذكرنا في كتاب "شرائط


(١) "الجامع الصحيح" للإمام البخاري (١٢ - ط دار السلام)
(٢) "الفَصْل"لابن حزم (٣/ ٢٣٣)
(٣) أخرجه أحمد في "المُسند" (٥/ ١١٥)،وأبو داود في "السُّنن" كتاب "السُّنَّة"باب "لزوم السُّنَّة" (٥/ ١١ رقم-[٤٦٠٤]) من حديث المقدام بن معد يكرب - رضي الله عنه - والحديث صححه= =الألباني، انظر: "صحيح سنن أبي داود" (٣/ ١١٧)

<<  <   >  >>