للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأما الإثبات الصريح؛ فإنه في سائر موارده جاء مشروطًا لا مطلقًا. ومن تلك الدَّلائل:

- قول الله تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (٢٦)} النجم

- وقوله سبحانه: {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (١٠٩)} طه

- وقوله: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} البقرة: ٢٥٥

وبإنعام النظر في هذه الدلائل؛ يتحصل أنّ شَرْطَيْ الشفاعة المثبتة = هما:

أولا: إِذْنُ الله للشَّافع أن يشفَع. وانتفاء تحقق الشفاعة إلا بإذنه تعالى متفرِّعٌ عن أَصل؛ وهو: أن الشفاعة مُلْكٌ لله تعالى، لا يشاركه فيها أَحد من الخلق. وهذا الأصل مفهوم من قول الله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (٤٣)} الزمر: ٤٣

فإذا تقرر أصل التفرد؛ لزِمَ أن يطلبها المخلوق من مالكها؛ لانتفاء ... المشارِك، وامتناع المنازِع له -سبحانه وتعالى-.

الشرط الثاني: رِضا الله تعالى عن المشفوع له. وحقيقة هذا الرضا: أن يكون المشفوع له ممن أَخلص في التوحيد. ومن انتفى عنه هذا المعنى فلا يكون هذا الشرط منطبقًا عليه؛ فإن الله لا يرضى عن القوم الكافرين.

وهذا القَيْدُ مدلولٌ عليه بجملة آيات؛ منها: قول الله تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} الأنبياء: ٢٨

<<  <   >  >>