وأما الجواب عن المعارض الثالث: وهو دعواهم أن الشفاعة لأهل الكبائر تستلزم أحد ممتنعَيْن. .الخ
فيقال: دعوى امتناع الشفاعة لأهل الكبائر لعدم استحقاق الثواب فرع عن أَصلين فاسدين:
الأول: القول بالإحباط.
الثاني: أن دخول الجنة مستحَقٌّ بالعمل؛ على جهة المقابلة والعوض.
أما الأول: فقد سبق أن الدلائل الشرعية قد تضافرت على أن الكبيرة لا تحيط بثواب الفاسق فتحبطه.
وأما الثاني: فإن دخول الجنة ليس مستحَقًا على العمل على جهة العوض؛ بل دخولها على جهة التفضُّل والرحمة من الله تعالى؛ كما قال عز وجل على لسان أهل الجنة:{الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ} فاطر: ٣٥ فإذا استقر فساد هذين الأصلين = عُلم بذلك بطلان ما بُني عليهما. والأدلة متظاهرة على أن الله يُشفّع نبيه - صلى الله عليه وسلم - فيمن شاء من أهل الكبائر، فيتحصل بذلك فساد ما قدروه من عدم قبول الله لشفاعة نبيه - صلى الله عليه وسلم -.
وأما جواب المعارض الرابع: فلا يسلَّم لهم أن لازم تصحيح الشفاعة التمادي في العصيان؛ لأن من ارتكب مَأْثَمًا لا يقطع بكونه ممن تناله الشفاعة. هذه واحدة.
وأخرى: أن إغلاق باب الشفاعة يستلزم لوازم باطلة أشنع من اللوازم التي ذكروها. ومن ذلك: تكذيب النصوص المتواترة الدالة على إثبات الشفاعة. وكذلك؛ فإن إغلاق هذا الباب يستلزم الوقوع في الإياس والقنوط من رحمة الله تعالى (١) فإذا تعارض تقديم خصوص متعلق