للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الواقع في الحديث؛ فهو قصْر حقيقي (١)؛

ذلك أَنَّ الاستثناءَ المُفَرّغَ (٢) يُقدَّرُ فيه المستثنى منه بأعم الأحوال. (٣)

والتقدير: لا تُشدّ الرحال إلى بقعة؛ كما قرّره الحافظُ ابنُ حجر العسقلاني (٤) ابتداءً , ولا يلزم على هذا التقدير منعُ السفر إلى زيارة صالحٍ، أو قريبٍ، أو سفرٍ لطلب العلم؛ كما ظنّه القسطلاني (٥)،وغيره كأحمد زيني دحلان؛ حيث قال في تأويل هذا الحديث، وإيراد ما ظنّه لازمًا لمن قال بعمومه: (وأمّا قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تُشدّ الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد ... )

فمعناه: أن لا تُشدّ الرحال إلى مسْجِدٍ لأجلِ تعظيمه والصلاة فيه إِلَاّ إلى المساجد الثلاثة؛ فإنها تُشدّ إليها لتعظيمها، والصلاة


(١) القَصر عند أَهل المعاني: تخصيصُ شيءٍ بشيءٍ بعبارة كلاميّة تدلُّ عليه، وهو نوعان: النوع الأول: حقيقيٌ =وهو: ما كان مضمونه موافقاً للواقع، كقولنا "لا إله إلَاّ الله" أي لا يوجد في الوجود كلِّه معبود بحقٍّ إلَاّ الله

النوع الثَّاني: إضافيٌّ =وهو: مبنيَّ على النَّظَر لشيءٍ آخر يُقابل المُخصَّص به فقط، لإبطال دخول ذلك المقابل، كقولنا: "إنّما الكاتب زيدٌ" أي لا عمرو ردَّاً على من زعم أن عمرواً كاتبٌ انظر: "المطوَّل شرح تلخيص المفتاح "للتّفتازاني (٢٠٤)، "موجز البلاغة" لمحمّد الطاهر عاشور (١٩)،و"مُعجم البلاغة العربيّة"لبدوي طبَّانة (٥٤٢،١٧٩)
(٢) الاستثناءُ المُفرَّغُ: هو الذي تُرك منه المستثنى منه فَفرغ الفعل قبل (إلَّا) وشُغِل عنه بالمُستثنى المذكور بعد (إلَّا) =انظر: "أَوضح المسالك"لابن هشام (٢/ ٢٥٠)،و"شرح الحدود النحوية "للفاكهي (٣٦٧)،و"مُعجم القواعد العربيّة" لعبدالغني الدقر (٤٦٥)
(٣) انظر: "شرح الكافية في النحو"للرّضي (٢/ ١٥١)
(٤) انظر: " فتح الباري "لابن حجر (٣/ ٨٢)،و"عمدة القاري" للعيني (٧/ ٢٥٢)
(٥) انظر: "إرشاد السَّاري"للقسطلاني (٢/ ٣٤٤)،والقسطلاني (٨٥١ - ٩٢٣ هـ):هو أحمد بن محمد بن أبي بكر بن عبدالملك القسطلاني الأصل المصري الشَّافعي إمام مقرئ، من مُصنفاته: "الكنز في وقف حمزة وهشام على الهمز"،و"العقود السنية في شرح المقدمة الجزرية",و"المواهب اللدنية"=انظر: "البدر الطالع"للشوكاني (١١٦)،والموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء واللغة (١/ ٣٦٩)

<<  <   >  >>